رسالة الى كل مازح - قراءه مهمه قبل المشاركه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : وبعد
أيها المازح 000
· يا من تنشر المرح والأنس 000
· يا من جعلت للمزاح وقتاً في حياتك 000
فإن المزاح خُلق إنساني وسلوك بشري له ضوابطه وحدوده ، وهو خُلق يشتمل على المداعبة والمضاحكة والمفاكهة بقصد الترويح عن النفوس وإدخال السور والبهجة إليها حتى لا تمل و لا تكل 0
وللمزاح آداب وضوابطه تجعله جزءاً لا يتجزأ من حياة المسلم ، فعن قتادة رضي الله عنه قال : ( سئل ابن عمر رضي الله عنهما : هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون ؟ قال : نعم ، والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبال )
وهنا أوجه هذه الرسالة إلى أخي المسلم ليضبط مزاحه بضوابط السُّنة النبوية والتربية الإسلامية فأقول مستعيناً بالله وحده :
· يا من تُروِّحُ عن النفس بالمزاح احرص على أن يكون مزاحك حقاً لا كذب فيه و لا إثم ، وأن يكون غير مؤذٍ لك أو لغيرك فإن بعض ما يسميه الناس مزاحاً يكون مؤذياً للمازح أو المُمازح أو مؤدياً إلى الغضب والقطيعة ووقوع البغضاء – والعياذ بالله – يقول بدر الدين أبو البركات محمد الغزي في كتابه ( المُراح في المزاح ) : ( يُندب إلى المزاح بين الإخوان والأصدقاء والخلان ، لما فيه من ترويح القلوب ، والاستئناس المطلوب ، بشرط أن لا يكون فيه قذف ، ولا انهماك فيه يُسقط الحشمة ، ويُقلل الهيبة ، ولا فحش يورث الضغينة ، ويُحرك الأحقاد الكمينة )0
· يا من تؤنس الصاحب وتُسعد الجليس ، إياك أن تُروع أحداً من المسلمين أو تخوفه ولو كنت مازحاً كأن تستحدث عليه خبراً كاذباً لتفزعه ، أو تخوفه في ظلام ، أو تفاجئه بنبأ غير سار بقصد المزاح ، فإن ذلك أمر منهي عنه لما من التخويف والترويع واحتمال إلحاق الضرر به 0 فقد روى عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : حدَّثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رجل منهم ، فانطلق بعضهم إلى حبل معه ، فأخذه ففزع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لمسلم أن يُروِّع مسلماً ) رواه أبو داود 0
وللمزاح آداب وهنا نلاحظ أن مراعاة شعور المسلم واحترام حرمته أمرٌ واجب في الجد والهزل ، ولا يمكن أن يكون المزاح وسيلة تؤخذ بها الحقوق أو تستحل بها الحرمات ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يأخذن أحدكم عصا أخيه لاعباً ولا جاداً ، ومن أخذ عصا أخيه فليردها إليه ) رواه الترمذي 0
وفي رواية أبي داود : ( لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً )
·يا من عُرفت بالمرح والدعابة ، إياك واختلاق القول أو افترائه على الآخرين بحجة المزاح ؛ فإن اصطناع الكلام وتلفيق الكذب وإشاعته بين الناس أمر محرم لا يجوز ، كما أنه سلوك منحرف يترتب عليه الكثير من المتاعب والمشكلات بين الأفراد والجماعات 0
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ويلٌ لمن يحدِّث فيكذب ليُضحك به القوم ويلٌ له ، ويلٌ له ) رواه أحمد والترمذي وأبو داود والدرمي 0
فالحذر الحذر من الوقوع في هذا الأمر الخطير ولو كان بقصد الإضحاك ، والتسلية ، والمتعة ، فإن في المزاح بالحق والصدق غُنية عن ذلك والحمد لله 0
· يا من ترسم البسمة على الشفاه ، ليكن مزاحك خفيفاً لطيفاً معتدلاً حتى لا يمس المشاعر ، ولا يجرح الخواطر ، ولا يسيء إلى الغير أو يؤثر عليهم 0 وليكن مرادك منه التسلية البريئة والترفيه عن النفس ، فإن النفس تمل والقلب يكل 0 قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( روحوا القلوب ، واطلبوا لها طُرف الحكمة ، فإنها تمل كما تمل الأبدان )
واعلم - أخي المازح – أن للمزاح المعتدل دوراً عظيماً في تربية النفوس وشحذ الهمم ، وفتق الأذهان وترويح القلوب ، وطرد السآمة والملل ، وإذهاب الهموم عن النفس 0
وفي هذا المعنى يقول الشاعر :
أروح القلـب ببعـض الهـزل تجاهـلاً منـي بغيـر جـهـل
أمزح فيه مزح أهل الفضل والمزاح أحياناً جلاء العقل
· وللمزاح آداب يا من تُكثر المزاح والمداعبة
؛ لا تنس أن الإكثار منه يُسقط الهيبة ، ويُزيل محبة الرجل من القلوب ، ويخدش المروءة ؛ ويخل بالوقار 0
وفي ذلك يقول سعيد بن العاص لابنه : ( اقتصد في مزاحك ، فإن الإفراط فيه يفُض عنك المؤانسين ، ويُحش منك المُصاحبين )0
ويقول أبو الفتح البُستي :
أفـد طبعـك المكـدود بالجـد راحـةيُجَـمُّ وعلِّلـه بشـيء مــن الـمـزاح
ولكـن إذا أعطيتـه المـزاح فليـكـنبمقدار ما تعطي الطعام من الملح
فكان واجباً على المازح أَلاَّ يجعل جُلَّ وقته للمزاح والفكاهة والدعابة لأن في ذلك
ضياعاً للوقت وقسوة للقلب وانشغالاً بالهزل على حساب الجد الذي هو الأصل في حياة المسلم 0
جاء في كتاب ( المُراح في المزاح ) : ( ويذم المزاح إذا وصل إلى حد المثابرة والإكثار
، لأن فيه حينئذٍ إزاحة عن الحقوق ومخرجاً إلى القطيعة والعقوق )0
وختاماً :
أسأل الله العظيم لي ولك التوفيق والسداد ، وأن نكون ممن يمزحون بالحق فيؤنسون به الصاحب ويتوددون به إلى المخاطب ، ويروحون به عن النفس 0 وألا ينسينا مزاجنا وضحكنا لقاء الله واليوم الآخر ،
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات 000
[